ما حكم الفوائد على الأموال التى توضع فى دفتر توفير البريد المصرى؟
يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك: الفوائد ربا محرم؛ لان الربا فى اصطلاح الفقهاء هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال، وبهذا يكون ما يؤديه المدين إلى الدائن زيادة على الدين نظير مدة معلومة من الزمن مع الشرط والتحديد من الربا.
كما تكون الزيادة عند مقايضة شيئين من جنس واحد من الربا أيضا، والربا محرم فى الإسلام بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم، سواء منها ما حكت تحريمه فى الشرائع السابقة أو ما جاء تشريعا للإسلام.
وكان من آخر القرآن نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)} ...سورة البقرة.
ومن الأحاديث ماروي (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ أَنَّ لَفْظَ النَّسَائِيّ: آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ إذَا عَلِمُوا ذَلِكَ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ غِسِّيلِ الْمَلَائِكَةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دِرْهَمُ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً.. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهُمَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ).
وبهذه النصوص وغيرها فى القرآن والسنة يحرم الربا بكل أنواعه وصوره سواء كان زيادة على أصل الدين، أو زيادة فى نظير تأجيل الدين وتأخير سداده، أو اشتراط ضمان هذه الزيادة فى التعاقد مع ضمان رأس المال .
لما كان ذلك وكانت الفوائد المسئول عنها التى تقع فى عقود الودائع والقروض فى البنوك، وفى صناديق التوفير فى البريد، وفى البنوك، وفى شهادات الاستثمار محددة المقدار بنسبة معينة من رأس المال المودع، وكانت الوديعة أو القرض على هذا من باب القرض بفائدة، ودخلت فى نطاق ربا الفضل أو ربا الزيادة كما يسميه الفقهاء وهو محرم فى الإسلام بعموم الآيات فى القرآن الكريم وبنص السنة الشريفة وبإجماع المسلمين لا يجوز لمسلم أن يتعامل بها أو يقتضيها..
لأنه مسئول أمام الله عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه كما جاء فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه الترمذى ونصه (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن عمله فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه).