بعض الصالحين: " إنه لتمرُّ على القلب ساعات إن كان أهل الجنة في مثلها إنهم لفي عيش طيب "، إنها ساعات صفاء القلب وإشراقه وسعادته بقربه من ربه، عند قيامه بطاعته، ومثوله بين يديه، وبعده عن المعاصي والسيئات، تلك الساعات التي من مرَّ بها وتأملها، علم حقيقة الإيمان، وأنه يزيد بالطاعات حتى لا تتسع الدنيا بأكملها لصاحبه، ويضعف بالمعاصي والسيئات حتى تضيق على العاصي دنياه، وتنقلب حياته تعاسة وشقاءً.
فالإيمان كالشجرة كلّما رويتها بالماء الطيب، وتعاهدتها بأنواع السماد الصالح، نمت وترعرعت وآتت ثمارها طيبة يانعة، وكلما منعتها ماء حياتها، وغذيتها بكل ضار خبيث يبست وهلكت، قال علي - رضي الله عنه -: " إن الإيمان ليبدو لمعة بيضاء، فإذا عمل العبد الصالحات نمت فزادت حتى يبيضَّ القلب كله، وإن النفاق ليبدو نقطة سوداء فإذا انتهك الحرمات نمت وزادت حتى يسودَّ القلب كله، ثم تلا قوله تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.. (المطففين : 14).
وفي كتاب الله ما يؤكد هذا المعنى بوضوح، كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}.. (الأنفال : 2)، وقوله سبحانه: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}.. (التوبة : 124)، وقوله سبحانه: {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}.. (المدثر:31)، وقوله عز وجل:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}.. (آل عمران: 173).
وجاء في السنة عدد من الأحاديث التي تبين زيادة الإيمان بالعمل الصالح، ونقصانه بالمعاصي كقوله - عليه الصلاة والسلام - :( من رأى منكم منكرا فليغيره، بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم.